حينما يتكلم الذكاء الاصطناعي… من يتكلم فعليًا؟
في
السنوات الأخيرة، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا من حياتنا اليومية؛ من محركات
البحث، إلى التطبيقات، وصولًا إلى أدوات الكتابة والتوصيات. لكن السؤال الذي يطرح
نفسه بقوة هو: هل هذه الأنظمة محايدة فعلًا؟ أم أنها تحمل في
طياتها تحيزات خفية مصدرها البشر الذين صنعوها؟
🔹 التحيز يبدأ من
البيانات
الذكاء
الاصطناعي لا "يخترع" المعرفة من العدم، بل يتعلم من كمّ هائل من النصوص
والبيانات التي كتبها البشر. وبما أن كل كتابة بشرية تتأثر بسياق ثقافي وسياسي
واقتصادي، فمن الطبيعي أن تنتقل هذه الانحيازات إلى النظام.
- النصوص الغربية تهيمن على
الإنترنت، فيُعطى
وزن أكبر للقيم الغربية.
- بعض المواضيع تُغطى بكثافة في
الإعلام، بينما أخرى تكاد تختفي.
- حتى الكلمات نفسها قد تحمل
معاني مختلفة تبعًا للثقافة.
🔹 الحياد
المتعمد… تحيز من نوع آخر
الشركات
المطورة لهذه النظم تحاول أن تجعلها "محايدة"، خصوصًا في المواضيع
الحساسة. لكن الحياد نفسه قد يكون نوعًا من التحيز:
- عندما يقدّم الذكاء الاصطناعي
وجهتي نظر فقط، فهو يختار مسبقًا ما يسلّط عليه الضوء وما يتجاهله.
- الحياد الظاهري لا يعني الحياد
الحقيقي، بل قد يخفي صراعات معرفية أو ثقافية أعمق.
🔹 هل يمكن التخلص
من التحيز كليًا؟
الحقيقة
أن الأمر شبه مستحيل. فالمعرفة البشرية بطبيعتها غير محايدة. لكن يمكن الحد من
الانحياز عبر:
- توسيع قاعدة البيانات لتشمل
مصادر متنوعة ثقافيًا وجغرافيًا.
- الشفافية: تنبيه المستخدم بأن المعلومة
ليست مطلقة، بل هي وجهة نظر أو مدرسة فكرية.
- إظهار بدائل متعددة بدل فرض
تفسير واحد للواقع.
الذكاء
الاصطناعي ليس "كيانًا محايدًا" بل أقرب لمرآة تعكس ما أنتجه البشر من معرفة،
بتحيزاتها وتناقضاتها. والسؤال الأعمق ليس: هل هو محايد؟ بل: هل نحن كبشر
محايدون أصلًا؟